كانت الأمة الإسلامية في ضعف و بحاجة إلى من يحررها من الغزو المغولي الذي عاث في بلاد المسلمين الفساد الذين لم يفرقوا بين الشيخ و الطفل و المرأة فمعظمهم لقوا حتفهم على يد هولاكو و جمعه إلى أن ظهر المظفر سيف الدين قطز و الذي أوقف زحف المغول على أعتاب مصر في معركة عين جالوت و لكنهم تمكنوا من اغتياله .
جاء من بعده بيبرس البندقداري و الذي لقب نفسه ب ( الظاهر بيبرس ) و تعود أصوله إلى بلاد القفجاق و يسميها البعض القوقاز ( الشيشان حالياً ) و عرفت شعوب هذه المنطقة بأنهم أكثر الشعوب شراسة و شجاعة في القتال .
لقد وقع بيبرس في السبي نتيجة هجوم مغولي و تم بيعه لأحد تجار الرقيق الذي و باعه على أمير دمشق علاء الدين أيدكين و هو في الأصل مملوك للملك نجم الدين أيوب و اصطحب نجم الدين أيوب بيبرس معه إلى القاهرة و دخل بيبرس في خدمة الملك الصالح شخصياً فكان رئيساً لإحدى فرق حرسه الخاص .
تجلت على بيبرس علامات الدهاء و الفطنة و ظل يتدرج في المناصب حتى لمع إسمه في معركة المنصورة و التي قلب فيها نتيجة المعركة على رؤوس الصليبيين و كان بيبرس وقتها قائد لفرقة المماليك التي أثبتت كفاءتها في هذه المعركة و بعد ان تولى عز الدين أيبك السلطة انتظر بيبرس اللحظة المناسبة ليصبح السلطان و عندما تخلص أيبك من فارس الدين أقطاي قامت ثورة المماليك ضده من أجل الثأر لأقطاي فقضى عليهم أيبك و فر المماليك للشام و على رأسهم بيبرس و لم يعد إلى مصر إلا قبيل معركة عين جالوت بعد أن تصالح مع السلطان المظفر سيف الدين قطز .
بعد انتهاء المعركة تخلص بيبرس من قطز و أعلن نفسه سلطاناً على البلاد بإجماع من الأمراء الذين قدموا له البيعة و الطاعة و اختار لنفسه لقب القاهر لكن بإيعاز من وزيره غير لقبه إلى الظاهر بيبرس و من أهم إصلاحاته تقريب الأمراء منه عن طريق منحهم إقطاعات واسعة و قام أيضاً بإعادة ترتيب إدارة الدولة و عين الأمراء الموثوقين في مناصب عليا و ألغى الضرائب التي فرضها سيف الدين قطز فاستبشر الناس بالخير في عهده و كسب محبة الأمراء و الشعب و قام ايضاً بإحياء الخلافة العباسية في القاهرة ( رمزياً ) و أمر بسك عملة تحمل اسمه و اسم الخليفة و طور الزراعة و أنشأ مستشفيات و بنى المكتبة الظاهرية في دمشق و التي ضمت آلاف المخطوطات وبعد ذلك وجه جهوده لمحاربة الصليبيين فعقد التحالفات مع البيزنطيين و مع بركة خان و تحالف أيضا مع سلطان سلاجقة الروم كل هذه الجهود و المساعي مهدت لشن الحرب على الصليبيين .
و لقد توفي في دمشق سنة ٦٧٦ للهجرة و قبره موجود إلى الآن.
المرجع : كتاب أبطال الفتح الإسلامي لمحمد علي قطب .
تعليقات
إرسال تعليق