التخطي إلى المحتوى الرئيسي

العلاقات البريطانية البحرينية

 

المقدمة:

تشهد البحرين وبريطانيا زخما كبيراً ويعود ذلك للعلاقات التاريخية الممتدة بين البلدين سيما منذ توقيع المعاهدة العامة للسلام عام 1820م، والتي تعززت أعوام 1861 و1880 و1892م، حيث كانت الاتفاقيات التي وقعت في تلك الفترة آثارها المهمة إذ أكدت الشخصية القانونية للبحرين ومؤسساتها الإدارية ووفرت الحماية لها وأقرت استقلاليتها وعززت من موقعها كمركز للعمليات التجارية. فضلاً عن ضمان ونشر الأمن والاستقرار في الأقليم ككل.

وإضافة لعمق العلاقات التاريخية التي تربط البلدين وتشعبها، فإنها توطدت في العصر الحديث مع حجم الزيارات المتبادلة بين كبار مسؤولي المملكتين، ووقعت العدبد من الاتفاقيات والبروتوكولات ومع توقيع معاهدة الصداقة 1971م، ونمو وتشعب الروابط التجارية التي ربطت بين البحرين وبريطانيا واتسمت تلك الفترة بإنشاء المزيد من الأجهزة  ومنها القضائية، وإصلاح الأجهزة المالية والإدارية وزيادة نقل موقع البلاد التجاري ومصالحها الخارجية وارتفاع إيراداتها.

 

 

بدأ النفوذ الأوروبي على البحرين في القرن السادس عشر الميلادي بما يسمى ب( التاريخ الحديث )[1] حيث يعد القرن السادس عشر مقدمة أساسية لفهم تطورات المرحلة اللاحقة، وكانت السفن البرتغالية على مشارف مياه الخليج عندما كانت قوى الخليج تمر بضعف وصراع بين الهرمزيين – نسبة إلى سكان المنطقة المحيطة بهرمز- والجبور، الامر الذي ساعد البرتغاليين لتوسيع نفوذهم في منطقة الخليج، حيث عبر القائد أفونسو دلبو كيرك البحرين على أثر ثراء مغاصاتها بالؤلؤ.

اتجه اهتمام بريطانيا بالسيطرة على الخليج العربي لما يمثله من اهمية إستراتيجية الوجود البريطاني في الشرق، حيث تأمين الطريق بين بريطانيا ومستعمراتها في شبة القارة الهندية، ولذا عمدت إلى إنشاء مركز لها في الخليج بالاستناد إلى دوافع مختلفة، تمثلت اولها بالدوافع الاقتصادية لتصريف بضائعها في المنطقة فاقترحت أن يكون هناك مركز الشركة الهندية الشرقية في البحرين، أملاً في مراقبة الخليج بأكمله، ثم أعيد طرح الموضوع مرة أخرى بعد الاعتداء الفارسي على دار المقيم البريطاني في أصفهان، وهذه المرة كانت الدوافع قربها من مغاصات اللؤلؤ ثم تحصيناتها الطبيعية التي تتمتع بها الجزيرة ثم وجود قلعة يحيط بها خندق عميق وبالرغم من المغريات لم يوافق نقل المقر إلى البحرين لكنهم وافقوا على تأسيس مقر تجاري فيها وثانيها الدوافع السياسية المتمثلة بترسيخ الوجود البريطاني لمواجهة الهيمنة العثمانية على الطرق التجارية عبر البحر الأحمر، ومن ثم قطع الطريق على القوى الأوروبية الأخرى ( هولندا، روسيا، فرنسا ) من التغلغل في الخليج، والحصول على امتيازات اقتصادية أو عسكرية.

واستحدث منصب المستشار السياسي البريطاني عام 1919 بعد حصول أول اضطرابات وطنية في البحرين، وأصبح يمارس دور الحاكم العسكري لمدة خمسة أعوام 1921-1926م وقد شغل هذا المنصب المقيم بيلي، ثم كثرت الشكاوى ضده وعزل وعين تشارلز بلجريف مستشاراً للشيخ حمد بن عيسى آل خليفة من عام 1926حتى 1956م، وكانت

اعماله تتمثل بتسجيل الأراضي وجمع الضرائب وفض الخلافات التجارية ونسيير الشؤون الداخلية. بقي بلجريف يمارس صلاحياته الممنوحة له من قبل الشيخ حمد حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد أعقب هذه المرحلة نمو في الوعي السياسي والقومي في البحرين تمثل في ظهور العديد من الاندية الرياضية والثقافية، بالإضافة إلى المؤسسات الشعبية التي أخذت تعبر عن رأي الشعب مما ادى إلى تطور الحركة الصحفية في البحرين وانتشار فكرة الاستقلال بين الصحف والمجلات، ومن أبرز الصحف في ذلك الوقت كانت: صوت البحرين، الميزان، القافلة، الوطن، الخميلة.

 

 

جرت أحداث 1904-1905 حين نشب خلاف بين خادم للشيخ علي بن أحمد بن علي آل خليفة، ابن عم الحاكم، وخادم لتاجر ألماني هو روبرت ونكهاوس. فحسب بعض الروايات أن الشيخ علي أراد تطبيق نظام السخرة على أحد العمال الذي كان يعمل بدوره لدى ونكهاوس، وأدى رفضه إلى تبادل الضرب بين عاملين لدى ونكهاوس وخدم الشيخ علي جرح فيه أناس عدة من بينهم بانسُن أحد مساعدي ونكهاوس من الألمان مما دعا الأخير إلى الاستنجاد بالسلطات البريطانية ممثلة في الوكيل السياسي جَسْكين، طالباً منه تحقيق ثلاثة شروط: الأول هو جلد المهاجمين علناً بحضور بانسُن وتعويضه من حساب مهاجميه مبلغ 1000 روبية[2] كتعويض وإلغاء نظام السخرة إزاء أي من العاملين مع الأوروبيين.

 

رفع جَسْكين، وكان على وشك مغادرة منصبه، المسألة إلى الشيخ عيسى بن علي فوراً وطالب بمعاقبة الجناة ونفيهم ودفع الألف روبية كتعويض لبانسن. ووعد الشيخ عيسى بإجراء تحقيق في الأمر ولكنه قام بدوره برفع رسالة إلى برسي كوكس المقيم السياسي في بوشهر وأرفق رسالته بوجهة نظر كتبها الشيخ علي بن أحمد عن المسألة. ويعتقد فرح أن قيام الشيخ عيسى بذلك يعكس في جوهره التغير الذي طرأ على العلاقة بين البحرين وبريطانيا بحيث يضطر الحاكم إزاء مثل تلك الحادثة إلى رفعها إلى المقيم السياسي. ولقد حصل الشيخ على الرد الذي تمثل في أن أفضل وسيلة لحل الموضوع هو محاولة الوصول إلى تسوية سريعة للأمر على أن يتم ذلك بالتشاور مع الوكيل السياسي الجديد، وهو بريدو. وحين اطلع الأخير على جوانب المسألة بدا أميل إلى الأخذ بوجهة نظر الحاكم، وحاول إقناع ونكهاوس بالوصول إلى حل وسط.

 

إلا أن ونكهاوس رفض مثل هذا الاقتراح ورفع الأمر إلى القنصل الألماني في بوشهر. ووسط تفاعل القضية وانتقالها من قضية محلية إلى قضية دولية، اشتعلت مسألة أخرى كان الشيخ علي بن أحمد طرفاً فيها من ناحية، وأحد أفراد الجالية الإيرانية الموجودة في البحرين. وبدأت الحادثة بشجار بين خدم الجانبين تطور لينتهي بمضاعفات طائفية من ناحية، وأبعاد دولية أخرى حين أحيلت المسألة إلى وزير الخارجية الإيراني. ثم تضاعفت المسألة لتضع قضية حماية الأقليات الأجنبية في البحرين حينها، حيث أخذت قضية بانسُن لتشير إلى الأقليات الأوروبية، والقضية الأخرى لتشير إلى الأقليات من جنسيات أخرى. وفي كلتا الحالتين اعتبرت بريطانيا نفسها حامية لتلك الأقليات من ناحية وللأمن والقانون في البحرين من ناحية أخرى.

 

ولكن، وحسب الرواية، فإن للأمور تشعباتها التي كانت تدفع الأمور إلى هذا التعقيد. فأول الأمور أن مثل تلك الأحداث لو جرت قبل عشر سنين من وقوعها لما أثارت تعقيدات دولية، ولكنها حدثت في وقت كانت بريطانيا تريد أن تفرض حضوراً جلياً في البحرين وبالذات لمواجهة التحديات الدولية لوجودها في الخليج. تقابل ذلك مع رغبة عيسى بن علي لمواجهة تزايد النفوذ البريطاني في البحرين متناسياً الدور البريطاني في تسلمه مقاليد السلطة في البحرين، وهو دور كانت تعيه بريطانيا وتوقعت من عيسى بن علي أن يعيه بدوره وأن يتصرف على أساسه. وبالمقابل كانت لعلي بن أحمد طموحات لحكم البحرين، ويورد فرح أنه على رغم اعتراف الحكومة البريطانية بحمد بن عيسى كولي عهد له، إلا أنه لم يكن يستشعر اطمئناناً من على بن أحمد على ذلك.

 

وشكلت السيطرة على الجمارك وإصلاحها أمراً للشد والجذب بين البريطانيين وعيسى بن علي، وبينما كانت بريطانيا تطالب الشيخ بالقيام، إلا أنه كان يرى في ذلك تزايداً في النفوذ البريطاني على صلاحياته لا يتماشى مع بنود معاهداته معها، وهو في ذلك يتناسى تبدل الظروف، وتزايد اهتمام بريطانيا في الخليج من ناحية، ودورها المتعاظم في البحرين. وكان المسؤولون البريطانيون على دراية بالصراع الخفي بين علي بن أحمد وعيسى بن علي وينطلقون منه، ولذلك كانوا ينتظرون أية فرصة لوضع مسألة الجمارك على الطاولة مع الشيخ.

 

في ذلك الحين كان الساسة الإنجليز وعلى رأسهم اللورد كرزون قد بدلوا سياساتهم في الخليج وفي البحرين بشكل خاص، ولم تعد المنطقة سكة خلفية في الطريق إلى الهند. بات مسؤولو حكومة الهند ووزارة الخارجية البريطانية راغبين في نقل الوضعية القانونية للبحرين لتصبح محمية كاملة. ولذلك رأوا في أحداث البحرين حينها الفرصة لتأكيد واجبات بريطانيا المعنوية تجاه حماية الأقليات، ورأو في أي محاولة للمساس بذلك تجاوز للمسؤولية المعنوية لبريطانيا. وبذلك يتشكل المدخل المناسب الذي تجد فيه بريطانيا من زيادة نفوذها في البحرين دعماً دولياً.

 

بأية حال تصاعدت الأمور، بعد تعقيدات عديدة، قَدم برسي كوكس المقيم السياسي في الخليج ومعه مطالب محددة للشيخ عيسى في 25 فبراير/ شباط 1905 : نفي الشيخ علي بن أحمد لمدة خمس سنوات وكل من تزعم الأحداث وأن يعوض كل من أصيب من الإيرانيين بـ 2000 روبية[3]، وأن ينشئ الشيخ عيسى حرساً موثوقاً للمحافظة على النظام والقانون في المنامة، وأن يعلن منع استخدام السخرة لعاملين يستخدمهم أوروبيون في البحرين، وأن يتفهم الشيخ عيسى بأن الحكومة البريطانية لن تقبل بعد ذلك بإي رفض لنصائح لها في الأمور المهمة. وتم احتجاز الشيخ حمد ولي العهد حينها لتنفيذ تلك المطالب.

 

ولقد تم تنفيذ المطالب وبشكل أوضح أمران: أولهما الحضور النافذ للبريطانيين في البحرين، وهو ما سيترك أثره لعقود قادمة تستمر إلى يومنا هذا. والثاني: أن البحرين أصبحت في قلب العالم: فأي مجريات بها لن يكون بعدها إقليمياً فقط، وإنما سيكون له بعد عالمي.

زار البحرين نائب الملك البريطاني (حاكم الهند) اللورد كيرزون في 26 - 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 1903، وطلب من حاكم البحرين آنذاك الشيخ عيسى بن علي آل خليفة إصلاح الجمارك، كما تطرق إلى مسألة السلطة القضائية على الأجانب لكي تنضوي تحت سلطات بريطانيا. وأكد كيرزون أن بريطانيا اعتمدت اسم الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة كولي للعهد.

 

ويذكر الرميحي، انه في سبتمبر/ أيلول 1904 وقعت حادثة بين ابن أخ الحاكم وموظف محلي تابع لشركة ألمانية (السادة فون هاوز)، وعلى إثر ذلك تقدمت الشركة الألمانية بشكوى إلى القنصل الألماني في بوشهر، والذي أوصلها بدوره إلى المقيم السياسي البريطاني (المسئول عن الإدارة البريطانية في الخليج). وفي نوفمبر 1904 وقعت حادثة مماثلة بين الشخص ذاته واثنين من الإيرانيين اللذين تقدما بشكوى إلى شاه إيران، ووصلت أيضاً تفاصيل القضية إلى المقيم السياسي البريطاني في بوشهر.

 

كما يذكر الرميحي، أن المقيم السياسي في بوشهر (رئيس الخليج) الميجور بيرسي كوكس زار البحرين في مطلع 1905، وكان مخولاً بسلطات لتقصي الحقائق بشأن المشاكل التي كان يتعرض لها الأجانب في البحرين، كما كان لديه تخويل باستخدام قوات الأسطول البريطاني إذا لزم الأمر. وقد أجرى كوكس مفاوضات مطولة مع حاكم البحرين ولم يتوصل إلى اتفاق، وعليه أصدر إنذاراً في 23 فبراير/ شباط 1905، يطلب فيه تسفير ابن أخ الحاكم إلى خارج البلاد لمدة خمس سنوات، وأن يدفع غرامة ألفي روبية إلى الذين اشتكوا عليه. كما اشترط على الحاكم الاستماع إلى نصيحة الوكيل السياسي البريطاني في البحرين. كما وطالب كوكس بإلغاء «السخرة» على الأجانب - وهي إجبار الآخرين على العمل من دون مقابل. وتم وضع جميع الأجانب تحت السلطات القضائية البريطانية. كما تولى الوكيل السياسي أيضاً إعتاق العبيد من العبودية وتأمين أوضاعهم بشكل مناسب.

 

سعت بريطانيا آنذاك لإبعاد الدولة العثمانية عن المشيخات الخليجية التي وقعت على اتفاقيات الحماية، ولذا قامت بتوقيع اتفاقية مع الباب العالي العثماني في 26 يوليو/ تموز 1913 وذلك لتحديد حدود الولايات العثمانية في الكويت وقطر والبحرين وشط العرب. وقد كانت الكويت تحت الحكم العثماني منذ عام 1871، وفي العام 1875 أدرجت الحكومة العثمانية تحت ولاية البصرة، ولكن الحكم العثماني كان بشكل رمزي. وفي 1899[4] وقعت الكويت مع بريطانيا اتفاقية الحماية، وأدت الضغوط البريطانية على العثمانيين إلى التخلي عن التمديد المقترح لخط السكك الحديد إلى الكويت، ومنعت بذلك تمدد النفوذ التركي والألماني إلى الخليج.

 

بالنسبة للبحرين، فقد ثبتت بريطانيا - من خلال توقيع الاتفاقية مع الباب العالي العثماني - أنها محمية بحكم الاتفاقيات معها. منذ ذلك الحين خطت البحرين خطوات متقدمة في بناء مؤسسات الدولة، ولتثبيت سلطاتها وصلاحياتها أصدرت بريطانيا في 15 أغسطس/ آب 1913 مرسوم ملكي بريطاني Bahrain Order-in-Council (من مجلس الملك Privy Council)، ونشر في London Gazette، وذلك لتنظيم ممارسة السلطات القضائية البريطانية على الأجانب في البحرين. وبسبب الحاجة إلى إجراء مباحثات مع الدولة العثمانية حول تقاسم النفوذ في الخليج، وبسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى لم يطبق هذا المرسوم بقانون إلا في 1919.

 

يتألف هذا المرسوم الملكي البريطاني Bahrain Order-in-Council من سبعة أجزاء في تسع وسبعين مادة، بالإضافة إلى ملحق، ولم يخول هذا المرسوم بقانون الوكيل السياسي البريطاني في البحرين بالسلطات القضائية على كل الأجانب في البحرين فحسب، وإنما ومنحه الحق في اختيار نصف أعضاء «مجلس العرف» - لفض الخلافات بين التجار - وفي تعيين قضاة «محكمة السالفة» - لإصدار الأحكام فيما يتعلق بصناعة اللؤلؤ - بالاتفاق مع شيخ البحرين. وقد احتفظ الشيخ بحق تعيين قضاة المحكمة الشرعية، قاضٍ سني وآخر شيعي، على أن يوافق الوكيل السياسي على القضاة المرشحين.

 

ونص المرسوم على إنشاء محاكم أخرى مثل «المحكمة العليا» التي لها كل السلطات القضائية التي تتمتع بها المحاكم العليا (المادة 14) ويرأسها المقيم السياسي في منطقة الخليج، و «محكمة صغرى» (المادة 35) [5]التي يلعب فيها الوكيل السياسي في البحرين دور «قاضي المنطقة».

 

كما تم إنشاء محكمة ثالثة، وهي «المحكمة المشتركة» التي تتألف من الوكيل السياسي ومن مسئول يعينه الشيخ.

 

ولقد نص المرسوم على إحكام وتنظيمات متعددة، وخول الوكيل السياسي البريطاني في البحرين بسلطات واسعة، إذ نصت مادة على أن «الأحكام التي يصدرها قضاة المحاكم الشرعية لا تصبح نافذة المفعول إلا بعد تصديق الوكيل السياسي عليها، وكذلك يحق للوكيل السياسي تعديل نتائج التحقيق وتعديل الحكم نفسه».

 

ونصت مادة على تعريف الأجانب، وهم «الأشخاص الذين اتفق شيخ البحرين مع (ممثلي) جلالة الملك (البريطاني) أو تنازل الشيخ له، على ممارسة الأخير للسلطات القضائية عليهم.

 

في العام [6]1919 تم إنشاء محكمة مشتركة يرأسها المعتمد البريطاني والشيخ عبدالله بن عيسى، مهمتها النظر في الدعاوى التي يقيمها الأجانب على البحرينيين. وفي العام 1920 تم إنشاء المجلس البلدي الذي كان - في بداية الأمر - برئاسة الشيخ عبدالله بن عيسى ويتألف من ثمانية أعضاء معينين: أربعة بحرينيين يعينهم الشيخ عبدالله، وأربعة أجانب يعينهم المعتمد (الوكيل) البريطاني، وقد تولى هذا المجلس بعض المهام المدنية كالصحة والمواصلات والكهرباء، وكانت له فرقة من الحرس البلدي حلّت محل فرقة الفداوية.

 

وفي العام 1920 أيضاً، تم تعيين أول قاض شيعي كموظف رسمي من موظفي الدولة. وفي يناير/ كانون الأول 1921 عينت بريطانيا الوكيل السياسي (المعتمد) البريطاني الجديد الميجور كلايف دايلي الذي أعلن منذ بداية تعيينه أنه سينفذ كل الإصلاحات الإدارية المنصوص عليها في المرسوم الملكي البريطاني وفي الاتفاقيات بين البلدين، وتسلم رئاسة بلدية المنامة ولي العهد آنذاك الشيخ حمد بن عيسى (في 18 يونيو/ حزيران 1921) كما تولى الإشراف على الإصلاحات الإدارية.

 

وفي 6 فبراير/ شباط 1922 بدأت «انتفاضة البحارنة» ضد نظام السخرة (استخدامهم في العمل المجاني رغماً عنهم) والرقابية (ضريبة تفرض على كل ذكر منهم يبلغ 15 عاماً وما فوق) والضرائب الأخرى التي كانت تفرض عليهم فقط، وأغلق البحارنة محلاتهم في سوق المنامة، وطالبوا بإنهاء الممارسات الظالمة ضدهم.

 

حدثت أمور كثيرة جداً بعد ذلك، وفي 26 مايو/ أيار 1923 وصل المقيم السياسي البريطاني بالوكالة ستيوارت نوكس وعقد اجتماعاً تاريخياً، بحضور الوجهاء وممثلي الفئات المختلفة (حضر الاجتماع ما بين 200 و300 شخص)[7]، وتم الإعلان عن تشكيل إدارة جديدة وتنفيذ الإصلاحات الإدارية برئاسة نائب حكومة البحرين الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة.

 

من الملاحظ أن المسائل المتعلقة بأوضاع الأجانب في البحرين كانت من أهم القضايا المثارة في زيارات المسئولين البريطانيين للبحرين في مطلع القرن العشرين. بالإضافة إلى ذلك، فقد استفادت بريطانيا في تلك الفترة من حاجة البحرين كدولة، إلى مؤسسات إدارية حديثة تطور الأداء من جهة، وتقلص من مساحة السلبيات التي قد تقع فيها الممارسات القائمة على التعاطي غير المؤسسي في شئون الدولة، الأمر الذي أدى إلى تعيين الوكلاء السياسيين البريطانيين للدفع باتجاه بناء هذه المؤسسات.

 

 

 

الخاتمة:

تتميز العلاقات البريطانية البحرينية بتاريخها العريق، وساعدت الحماية البريطانية البحرينية على التطور على الصعيد الثقافي والإداري والإجتماعي، وساعدت هذه التطورات على تمتين العلاقات المشتركة وتزيدها بالعمق والتواصل المستمر. وذلك من الجانب العملي والتاريخي والاتصالات المتبادلة وبحسب التقارير وفي ظل الجهود التي كانت تبذلها البحرين لتتحول إلى مركز تجاري إقليمي وسعت لضخ الدماء في شرايين قطاعاتها الاقتصادية، وإن حجم التبادل التجاري بين البلدين زاد بشكل كبير.

وكانت مهمة الوكيل السياسي  البريطاني في البحرين هي السعي لتنفيذ السياسة البريطانية القائمة على إجراء الإصلاحات في البحرين لتكون أكثر استقراراً بما يساهم في حفظ المصالح البريطانية، ويجنب البحرين خطر الاضطرابات والقلاقل المستمرة بما قد يفسح المجال لقوى أخرى للتدخل وهكذا تحول الدور البريطاني من الحماية الخارجية إلى تنفيذ الاصلاحات الإدارية على مستوى الداخل.

المصادر والمراجع:

1-     أحمد العبيدلي، حين حكمت بريطانيا البحريــن.. بشكل غير مباشر، https://malturath.wordpress.com.

2-        حسن سعيد، الدور البريطاني من الحماية إلى الإصلاحات الإدارية، http://www.alwasatnews.com/news/907223.html.

3-      علاقات مملكة البحرين بالمملكة المتحدة .. التاريخ يمهد الطريق لفتح آفاق جديدة في العمل المشترك، https://www.bna.bh/.aspx?cms=q8FmFJgiscL2fwIzON1%2BDjr07z%2BgehJ9ZzEEb4xYwds%3D.

 



[1]     علاقات مملكة البحرين بالمملكة المتحدة .. التاريخ يمهد الطريق لفتح آفاق جديدة في العمل المشترك، https://www.bna.bh/.aspx?cms=q8FmFJgiscL2fwIzON1%2BDjr07z%2BgehJ9ZzEEb4xYwds%3D

[2]  علاقات مملكة البحرين بالمملكة المتحدة .. التاريخ يمهد الطريق لفتح آفاق جديدة في العمل المشترك، https://www.bna.bh/.aspx?cms=q8FmFJgiscL2fwIzON1%2BDjr07z%2BgehJ9ZzEEb4xYwds%3D

[3]     أحمد العبيدلي، حين حكمت بريطانيا البحريــن.. بشكل غير مباشر، https://malturath.wordpress.com

[4]      حسن سعيد، الدور البريطاني من الحماية إلى الإصلاحات الإدارية، http://www.alwasatnews.com/news/907223.html

[5]       حسن سعيد، الدور البريطاني من الحماية إلى الإصلاحات الإدارية، http://www.alwasatnews.com/news/907223.html

[6]  أحمد العبيدلي، حين حكمت بريطانيا البحريــن.. بشكل غير مباشر، https://malturath.wordpress.com

 [7]   حسن سعيد، الدور البريطاني من الحماية إلى الإصلاحات الإدارية، http://www.alwasatnews.com/news/907223.html

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السلطانة خديجة تورهان

ولدت السلطانة خديجة تورهان في عام ١٦٢٧م لعائلة روسية وقُدِّمت على شكل هدية للسلطانة كوسيم التي أشرفت على تربيتها في القصر ومن ثم قدَّمتها للسلطان إبراهيم فأنجبت ابنها محمد والذي أصبح سلطاناً فيما (محمد الرابع) وبعد إزاحة زوجها عن العرش في عام ١٦٤٨م تم تعيين السلطان محمد الرابع  وعمره لا يتجاوز سبعة أعوام، حدث صراع بينها وبين الوالدة المعظمة السلطانة كوسيم بلغ ذروته عندما حاولت الأخيرة قتل السلطان الصغير، بعد هذا الحدث تمكنت السلطانة خديجة من التخلص من السلطانة كوسيم عام ١٦٥١م وسعت بعد ذلك في البحث عن صدر أعظم كفء لهذا المقام فلم تجد من هو أكفأ من محمد باشا الكوبريلي فأعطته مطلق الصلاحيات مما مكنه من إعادة هيبة الدولة في عام ١٦٥٦م، وانزوت الأخيرة إلى الظل وتفرغت لأعمال الخير وتربية أبنائها، توفيت هذه السلطانة في عام ١٦٨٣م وكانت تلقب بالركن الأعظم المصدر: من كتاب الدولة العثمانية المجهولة للبروفيسوران: أحمد آق كوندز وسعيد أوزتورك كتابة: محمد عبده

معاهدة سايكس-بيكو

 تم توقيع اتفاقية سايكس بيكو بين السير مارك سايكس ممثلاً عن الجانب البريطاني و مسيو جورج فرانسوا بيكو ممثلاً عن الجانب الفرنسي و تم عقد هذه الاتفاقية بين بريطانيا و فرنسا  و بمصادقة ومباركة من الإمبراطورية الروسية إلا أنها انسحبت فيما بعد بسبب مشاكلها الداخلية، نصت هذه الاتفاقية على تقسيم المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة العثمانية إلى خمس مناطق: السواحل السورية واللبنانية تم إعطاؤهما لفرنسا، أما العراق والخليج أُسند أمرهما إلى بريطانيا، وتم الاتفاق على إنشاء إدارة دولية خاصة بفلسطين وأما المنطقتان الرابعة و الخامسة فقد اتفقت بريطانيا و فرنسا على الاعتراف بدولة أو حلف دول عربية مستقلة برئاسة رئيس عربي فيها. على أن يكون لفرنسا في إحدى المنطقتين (المنطقة الداخلية السورية) حق الأولوية في المشاريع و القروض المحلية و الانفراد بتقديم المستشارين و الموظفين، و كذلك الأمر بالنسبة لبريطانيا في المنطقة الداخلية العراقية. هذا هو مضمون اتفاقية سايكس -بيكو و لم يعلم العرب ولا المسلمون بمضمون هذه الاتفاقية التي حددت مصير المشرق العربي، إلا بعد قيام الثورة البلشفية 1917م ونشر الحكومة السوفيتية...

حملة طارق بن زياد لفتح الاندلس

  حملة طارق بن زياد لفتح الاندلس                       المقدمة: بعد سنة من الحملة الاستطلاعية التي تمت بقيادة طريف بن مالك، ولاقت نجاح وبعد ان انتهى موسى بن النصير من وضع خطة البحث. وفي سنة 711م بيونيو تحرك جيش مكون من سبعة الآلاف جندي من المسلمين، بقيادة طارق بن زياد. متوجهين إلى الأندلس.     نبذة عن طارق بن زياد: ولد طارق بن زياد بن عبدالله في 640م، ويُذكر أنّ توفى في سنة 102هـ، ولكن قد اختلف في أمر نسبه، فقيل إنّهُ أمازيغيّ، وتميّز بصلته القوية بالإسلام والعروبة، وقيل أن والده   وجده أسلموا قبله ، ثمّ انتقلوا إلى بلاد المشرق، وهناك ترعرع   في ظلّ بيئة عربية وإسلامية، وهذا فضلاً عن تمسكه بلهجته الأمازيغية، وكان طارق من أقوى وأحنك رجال موسى بن نصير، حيث جُنّد في جيشه.       حملة طارق بن زياد وسفن العبور: سفن العبور مثل ما ذُكر إنها كانت تعود إلى يليان حاكم سبتة، وتوضح النقاط التالية ما يلي: ·        أتم المسلمين فتح ب...